سؤال راودني في أحد الأيام، إن كان الزواج جريمة أم لا!
قبل الإجابة عن السؤال، يجب أن نفهم متى يكون الزواج جريمة، ومتى لا يكون كذلك، فالزواج بصفة عامة اتفاق بين الرجل والمرأة على العيش معًا، وفق شروط ومعايير عديدة، ويُعد الزواج خطوة مهمة لتأسيس المجتمعات البشرية من خلال تكوين الأسرة، ولكن كثيرًا ما نسمع في الآونة الأخيرة بظاهرة الزواج المبكر، أو زواج العادات والتقاليد، وهناك ما يسمى بزواج القاصرات أو بالأحرى الجريمة المسلطة ضد القاصرات، ولا يختلف ذلك المسمى عن جريمة الاغتصاب، عندما نحرم فتاة صغيرة من أن تعيش طفولتها، ومن ثم نفرض عليها أن تتزوج وتصبح ربة منزل، وتلحق بها مسؤولية عن كل ما يدور فيه.
بعض الأسر لا تفكر في أن ابنتهم الصغيرة حُرمت من التعليم وتلحقها بمسؤولية الزواج بدلاً عن تركيزها بالتعليم وتطوير نفسها وشخصيتها، أبشع ما في هذا الزواج هو تدمير طفولة الفتيات وتدمير أحلامهن، وكأن حكم عليهن بالإعدام أو بالسجن المؤبد بسبب زواجهن المبكر.
عزيزي القارئ، قد تتعجب وتقول هذا من المستحيل أن يحدث ولكن في الحقيقة هذه الجرائم تحدث يوميًا، ليس في الدول الفقيرة والنامية فقط بل في معظم دول العالم، وهناك من يجعل الأطفال من الفتيات سلعة يتداولونها بين كبار السن ومن يرغب في فتاة قاصر يمكنه شراؤها من أسرتها بمبلغ غالٍ وثمين.
زواج القاصرات أو زواج الأطفال أو الزواج المبكر، أو ما أسميه «بجريمة الاغتصاب»، جميع تلك المسميات السابقة تُعد جريمة مكتملة الأركان في حق الفتيات قبل بلوغهن السن الإنساني والقانوني، فنجد أن هذه الظاهرة منتشرة وأصبحت بمنتهى الخطورة، إذ سبّبت آثارًا سلبية بالغة الخطورة على المجتمعات وخوفًا كبيرًا لدى الأسر الفقيرة؛ لأن الفتاة فى هذه المرحلة العمرية الصغيرة تكون غير مهيأة من الناحية النفسية والثقافية والعقلية والجسدية كي تقوم بمسؤولية بيت وزوج وتربية أطفال، فتتحمل عبئًا لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقًا، فإن هذا الزواج يُعد اغتصابًا بحق الطفولة واعتداءً صارخًا على كرامة الطفل، بل يمثل جريمة مكتملة الأركان .
ختامًا، ذكرت هذه القضية لأنها جزء بسيط من معاناة بعض الفتيات، فكتبت في إصداري السادس الذي يحمل عنوان «طفلة بجسد امرأة» عن معاناتهن، بكل مصداقية بعيدًا عن الخيال.
فهل ترى عزيزي القارئ أن الزواج جريمة؟
عبدالله سيحان الدليمي
